الاثنين، 12 مايو 2014

الشاهد 17

أقرب مما يجب 


لم يكن المنزل حدودياً لكنه " قريب " ، المنزل على حاله منذ عقود ، لكن الحدود هي من اقتربت ! 
أصبحت " الدولة المجاورة " التي لا تعترف بحدود للآخرين و لا لنفسها " أقرب مما يجب " ! تقوم " إسرائيل " بمرور الوقت بمصادرة المزيد من الأراضي داخل قطاع غزة تحت مسمى مناطق أمنية لأسباب أمنية ، أصبحت الدولة مجاورة للبيت ! ، هجر البيت و شراء بيت جديد ليس خياراً في نطاق امكانيات مادية سيئة لكثير من العائلات في منطقة صغيرة محتلة منذ عقود ، تتساقط القذائف بشكل متكرر ، أصوات إطلاق النار أمر معتاد لجميع سكان المنطقة ، سيمر اليوم دون أضرار فرضية قيد الاعتقاد إجباراً ، تكثر الجنائز في هذه المنطقة فالقذائف تتساقط على البيوت أحياناً ، لكن أحداً من السكان لا يغادر المنطقة ، على أحد مقاعد الدراسة ذات يوم وضعت صورة " هديل " و كتبت عبارة الشهيدة الطفلة .. كانت ما تزال في بداية عامها الثاني في المدرسة لكن .. سقطت القذيفة على البيت !  

الجمعة، 18 أبريل 2014

الشاهد 16

مودة و نقمة 

كانت سعيدةً جداً بقرار زواجها منه فهو " طيب " ، لا يجادل أو يعاند كثيراً و لها كل ما تطلب ، لم يبدُ سعيداً بنبأ حملها الأول لكنه يقول أنه " سعيد " ، لا يحب الحديث عن المستقبل ، توفي في العام الثاني من زواجه ، كان مصاباً بمرض السرطان الخبيث في مرحلة متأخرة و كان يُتوقع وفاته قريباً .. أخبرها الطبيب ، كان على علم هو و أسرته بذلك ، لكنهم لم يرضوا بقدره ، و قرروا أن له ألا يتحمل عزوبية قصيرة على أن تتحمل الفتاة ذات التسعة عشر عاماً الترمل و رعاية طفلة صغيرة يتيمة في سن صغير دون علم أو قرار .. ليبطش البؤس حيث يفقد الانسان حقه في المعرفة . 

الثلاثاء، 8 أبريل 2014

الشاهد 15

الأيام القاسية

قُتِلَ الوالدانِ في غارةٍ جويةٍ أمريكيةٍ دمرتْ المنزل ، و الأسرةَ أيضاً ، أصبحَ محمدٌ 
14عاماً مسئولاً عن رعايةِ أخوتِه الخمسة ، فهو أكبرُ الأيتامِ سناً ، قوتُ اليومِ
 البسيطُ الذي كان بالكادِ يسدُ والدُهم به رمقَهم و حيطانُ الطينِ التي أكسبَها 
عيشُهم فيها لقبَ منزلٍ ، كانتْ حياةً قاسيةٌ كفيلةٌ بمرورِ الأيامِ على كلِ حال ، .. لم 
تعدْ الأيامُ تمر ، تركَ الأطفالُ الكبارُ المدرسةَ و لن يعرفَها أصغرُهم ، يعملُ الأطفالُ 
جميعاً بائعينَ متجولينَ لبنزينِ السيارات في شوارعِ إسلام أباد .. لكي تمرَ الأيامُ

...القاسية .

الأربعاء، 26 مارس 2014

الشاهد 14

رصاصة في القلب 


لم يحملْ أيَ طفلٍ من أطفالِه مطلقاً و لا يمكنُه ذلك فقد أُصيبَ عَرَضاً أثناءَ الاقتتالِ 

الفلسطيني الداخلي 2007 م و كانَ في السابعةَ عشرَ من عمرهِ برصاصةٍ استقرتْ 

قريباً جداً من القلبِ عجزَ الأطباءُ عن استخراجِها سيَقضي بها بقيةَ عمرهِ و يُحظرُ 

عليه حَمْلُ أوزانٍ تزيدُ عن كيلو جرامٍ واحد ، و بعضُ همومِ الوطنِ يعجزُ القلبُ عن 

حملِها. 

الأربعاء، 10 أبريل 2013

الشاهد 12

لا تخيف ... تقتل ! 


في القرية ، تسير الحياةُ عاجزةً تحتَ سماءِ هديرِ الطائراتِ الحربية ؛ فقد باتت الأرضُ محتلةً و الحربُ استنزافاً .
لا يدركُ الأطفالُ الكثير .... " أصواتُ الطائراتِ لا تخيف " يعجزُ ذووهم عن تعليمِهم غير هذا ، المدرسون أيضاً يقولون شيئاً كهذا في مدرسةِ القرية .
زينب و محمد * طفلان شقيقان في الأولِ و الثاني الإبتدائي يذهبان معاً إلى المدرسة ، و كذلك أطفالُ القريةِ الآخرين ؛ فرغمَ صعوبةِ الظروف " يجب أن يدرسوا " ،" يعجزُ ذووهم عن تعليِمِهم غير هذا " !
في المدرسة ، ينتظمُ طابورُ الصباحِ و من ثمَّ الدراسةُ "
تحتَ سماءِ هديرِ الطائراتِ الحربية " .

 تعلو أصواتُ الطائراتِ على أصواتِ المدرسين و الطلاب ، عندما وجهت قنابلَها اتجاه المدرسة ، لم تكنْ سوى لحظاتٍ قليلةٍ ليدركَ الأطفالُ أنَّ أصواتَ الطائراتِ التي لا تخيف تقتل !
زينب و محمد ... قتلا معاً في المدرسة .
.....................
* زينب و محمد السيد إبراهيم عوض من ضحايا مجزرةِ الغارةِ الجويةِ الإسرائيليةِ على مدرسةِ ( قرية ) بحر البقر الإبتدائية ، محافظة الشرقية / جمهورية مصر العربية ، حرب الاستنزاف 8 إبريل 1970 م . 


السبت، 23 مارس 2013

الشاهد 11



الأساسي الأخير 

الماء يتحصلون عليه من جدول يبعد عنهم مئات الأمتار ، ليس نقياً ، لكن على كل الأحوال يجب أن " يصلح للشرب " ؛ فلا بديل عنه ، الضوء و الطاقة لا يتحصل عليهما من الكهرباء أو الغاز، فلا يعرفون إلا شمس الصباح و خافت ضوء القمر و شمعاً و مصباحاً قديماً و ما يحتطبون من أخشاب ، الطعام و اللباس مصدرهما بقايا الفضلات و القمامة ؛ حيث يعملون مع أطفالهم الصغار على جمعها ؛فيستنفعون ببعضها و يبيعون ما تبقى منها كأدوات مستعملة ، و هذا هو مصدر عيشهم و دخلهم الوحيد ، لم يبقِ لهم النظام العالمي بسياسته و أنظمته المالية و الاقتصادية إلا شيئاً من التكفف بهذا ، نأى بهم بعيداً عن كل شيء حتى بعيداً عن " خط الفقر " ذاته ، فمستوى معيشتهم أدنى منه بكثير .
ذات يوم قرر النظام العالمي الجديد أن يرسل أحد الأنماط الحديثة من التكنولوجيا و أكثرها تطوراً إلى بلادهم ؛ لكنها لم تكن إلا دبابات و طائرات حربية لإحتلال البلاد ، لم يعد الوصول إلى جدول مياه الشرب العكرة سهلاً ، لم يعد ضوء الشمعة و المصباح الخافتين يشعران الأطفال بالأمان في الليل ، و الوصول إلى فتات طعام القمامة أصبح يكلف الإنسان الموت أو الإعاقة .
تحلق الطائرات التكنولوجية الحديثة فوق سقوف البيوت المتهالكة التي لا تحمي اهلها البرد أو الحر ، و ترسل شيئاً بآلاف أو مئات الآلاف من الدولارات للأطفال ذي الملابس البالية المجتمعين حول بقايا الطعام لتناول عشائهم .. " قنابل ذكية قاتلة أو مشوهة " ، يرفس الجندي المسلح بعتاد عسكري بحذائه الصلب غير المهترىء اللوح الخشبي المتآكل الذي يغلق مدخل المنزل الطيني كباب له ، تستسلم الوجوه البائسة للخوف ، و ترتفع اليدان العاجزتان لأعلى مستسلمتين للـ " التقدم و الحضارة و الديمقراطية " ، و يلتحم الرصاص بالأجساد الهزيلة الجائعة ، انتهت المعركة الأخيرة لهؤلاء البؤساء مع النظام العالمي الجديد بسلبهم آخر ما يملكون من أساسيات حياتهم .. " الحياة ذاتها " .  


الجمعة، 1 مارس 2013

الشاهد 10

شاهد الزمن 

مالكها غائب منذ أكثر من 30 عاماً ، لكن لا يعلوها الغبار أو الأتربة ؛ فثمة من يعتني بها كل إشراقة صباح ، صور و أغراض و ذكريات قديمة ، معلومات بخيسة أيضاً ، لا جديد ، كل شيء محدود إلا الألم و بعضاً من الأمل ، تضيف رقماً إلى عمره في ذكرى ميلاده
كل عام ؛ لكنه ما يزال في ناظرها ابنها الشاب الصغير ذي ال 18 ربيعاً حين فقدت آثاره في " الحرب " ، فيما يتقدم بها العمر عاماً بعد عام ، و يلازمها المرض ، كلما مرت بوعكة صحية تحرمها مغادرة الفراش تتحسب ألا تتعافى فلا تسطيع استقباله إن عاد أو رعايته فهو ما يزال في الثامنة عشرة من عمره ، تستفيق من " الوعكة " لتراجع الدوائر الرسيمة في الدولة دون جواب ، كل صباح تقرأ الفاتحة و تدعو له لا أمام شاهد القبر لكن أمام شاهد الزمن ؛ فهي تخشى أن تحرمه الترحم و الدعاء بمرور السنين إن كان في عداد الضحايا القتلى ، ترفض أن تدفن آمالها مع كل جثة مجهولة الهوية تكتشف ليعاود دفنها دون اسم أو نسب ، توفيت الأم و هي تأمل فتاتاً من المعرفة عن مصير ابنها و إن كان خبر فجيعة بمقتله - حال يغدو فيه خبر الفجيعة أملاً - لكنها لم تعرف ، انتهت الحرب و باتت من الذكرى و فعل " الجنرالات " ما خططوا لفعله و قلدوا أوسمة البطولة و الشجاعة ، و كتبت كتب التاريخ ما تريد أن تكتب ، مارة مروراً عابراً على مأساة الأم برقم في خانة من أربع أو خمس خانات أو أكثر لعددٍ لمفقودي الحرب ، قدرته ؛ فهي أيضاً لا تعرف ! .

الاثنين، 25 فبراير 2013

الشاهد 9

ديمقراطية الأحذية



رغم انقضاء ولايته الرئاسية ، لم تنسَ الولايات المتحدة الرسامة ، فتولى كلينتون خليفة بوش الأب المهمة ، قتلت المرأة و زوجها في غارة جوية أمريكية على منزلهما في حي المنصور ببغداد عام 93 .
استبدلت ليلى العطار اللوحات و الجدران بأرضية مدخل فندق الرشيد في بغداد لرسم صورة لبوش الأب مذّيلة بعبارة " المجرم جورج بوش " بالعربية و الإنجليزية ؛ لتكون بذلك محطاً لأحذية زوار الفندق ، أرادت من خلالها التعبير عن استنكارها لاستهداف الولايات المتحدة للمدنين العراقيين في حرب الخليج الثانية عام 91 ، و دفعت الثمن لاحقاً .
بخلاف الأنياب الرمزية التي رسمتها العطار لبوش الأب ، كان الليث الابن يبتسم ! ، مكتفياً بالقول : " هذا ثمن الديمقراطية " عندما باغته صحفي هذه المرة برشقتي حذائيين متتالين عام 2008 في بغداد تعبيراً عن رفضه لشن الولايات المتحدة الحرب على العراق عام 2003 و احتلاله ، ابتسامة مشابهة استقبل بها حاكم بوش العسكري للعراق حذائي السامرائي في لندن بعد مرور 10 سنوات تقريباً على حرب و احتلال العراق ؛ فالديمقراطية الأمريكية المزعومة أصبحت على ما يبدو أكثر حذراً في مواجهة التعبير عن الرأي حتى لو كان عن طريق " الأحذية " ، و قد يغدو أحد شعاراتها " ابتسم للأحذية " !


                                                                                

الأربعاء، 20 فبراير 2013

الشاهد 8

فلسطين في خرائطهم 

في بعض الكتب أو أدلة السياحة ، لا تجد ذكراً لاسمها بين الدول أو البلدان ، المواقع الإلكترونية أيضاً قد لا تجد في بعضها  " فلسطين " بين أسماء البلدان للإختيار من بينها إن أردت إنشاء حساب بريد إلكتروني أو غيره فيها ، حتى نشرات الأحوال الجوية لا تضع اسم " فلسطين " في خارطة الاحوال الجوية التوضيحية ، .. لم يعد مهماً بالنسبة لهم أن يضعوا فلسطين في خرائطهم ؛ فقد وضعوا " خرائطهم " في فلسطين !

الجمعة، 25 يناير 2013

الشاهد 7

و جورج بوش ثاني !
الإحتلال البريطاني - البصرة  2003 م                الاحتلال البريطاني - البصرة 1914 م

أبتعثني جامعتي في المرحلة الدراسية الرابعة كمدرسة علوم مساعدة في إحدى المدارس بقصد التدريب ميدانياً ، صباحاً في أحد الأيام كنت أتابع مسابقة الإذاعة المدرسية ، تفاجأت : " متى انتهى الاحتلال البريطاني للعراق ؟ " سؤال طرح على الطالبات ، سؤال تاريخي إجابته التقليدية 1932 م - تاريخ استقلال العراق - ؛ فوجدت نفسي أخاطب مدرسة التاريخ في المدرسة قائلة لها : " كيف نعلم الطلاب في المدرسة أن الاحتلال البريطاني للعراق انتهى عام 32 ، و عندما يعودون إلى البيت سيسمعون عبر وسائل الإعلام عن قوات الإحتلال البريطاني في العراق عموماً و البصرة خصوصاً ؟! ، للأسف تغًير الكثير بفرض الأمر الواقع ، فلم يعد بإمكاننا تعليم التاريخ للطلاب بالنمط القديم ؛ فالدول باتت تكرر نفس أخطائها و لو بعد ألف عام ! ، و أصبح لدينا احتلال أول و احتلال ثاني ، و عدوان أول و عدوان ثاني ، و جورج بوش أول و جورج بوش ثاني ! "